رمضان في الحرم الجامعي: بناء الانسجام الاجتماعي من خلال روحانية الصيام
جاكرتا، أخبار الجامعة الإلكترونية - إن صيام شهر رمضان ليس مجرد عبادة فردية بين العبد وربه، بل له بُعد اجتماعي قوي يجعله لحظة مهمة لبناء الانسجام الاجتماعي وتعزيز الأخوة الإسلامية.
وبحسب ما أوضحه أستاذ علم اجتماع الدين في جامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية جاكرتا، الأستاذ الدكتور عارف زمهري، الحاصل على درجة الماجستير والدكتوراه، فإن هذين الجانبين يجب أن يسيرا بتوازن. فالمسلم مطالب ليس فقط بزيادة تقواه لله سبحانه وتعالى، بل أيضًا بالإحسان إلى الناس. وقال: "من خلال الصيام، لا يزداد الإنسان تقوى بشكل فردي فحسب، بل تنمو أيضًا الصلاحية الاجتماعية التي تؤثر على الحياة المجتمعية. ولهذا يُعد رمضان لحظة مهمة لبناء وتعزيز التضامن الاجتماعي بين المسلمين."
الصيام والفطرة الإنسانية
ومن الأهداف الرئيسية للصيام هو إعادة الإنسان إلى فطرته؛ أي فطرة الإنسانية التي تميل إلى حب الخير والاهتمام بالآخرين. فالجوع والعطش اللذان يشعر بهما الصائم ليسا مجرد اختبار جسدي، بل هو أيضًا تدريب روحي يغرس التعاطف الاجتماعي.
وأضاف الأستاذ الدكتور عارف: "حين يشعر الإنسان بنفسه كيف يكبح جماح نفسه عن مختلف الملذات الدنيوية، يصبح من السهل عليه أن يفهم معاناة الآخرين الذين قد لا يشعرون بالجوع والعطش في رمضان فقط."
وأوضح أكثر أن هذا الوعي هو الشرارة التي توقد شعلة الاهتمام الاجتماعي الأكبر، فشهر رمضان لا يقتصر فقط على كبح النفس، بل هو أيضًا وقت لبناء روح التعاطف التي تؤدي إلى أعمال ملموسة في مساعدة الآخرين.
رمضان، لحظة لبناء التضامن الاجتماعي بين المسلمين
ويؤكد الإسلام على أهمية التضامن الاجتماعي، خاصة في مساعدة من هم أقل حظًا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه. ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة، فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة." (رواه البخاري ومسلم)
وأوضح الأستاذ الدكتور عارف أن هذا الحديث الشريف يمثل دافعًا قويًا للمسلمين لتعزيز التضامن الاجتماعي، خاصة في شهر رمضان. وقال: "عندما يتلقى المحتاجون المساعدة من إخوانهم، تنشأ مشاعر الشكر والامتنان، ويقوى التماسك الاجتماعي في الحياة المجتمعية. وهكذا، فإن الصيام لا يقتصر على كبح الجوع والعطش، بل هو أيضًا وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين المسلمين."
الجهاد الشخصي: التحدي في العطاء
ورغم أن العطاء من تعاليم الإسلام العظيمة، إلا أن ليس كل الناس قادرين على القيام به بإخلاص. وأوضح الأستاذ الدكتور عارف أن العطاء يتطلب وعيًا عاليًا وإخلاصًا، لأن الإنسان عليه أن يتخلى عن جزء من ماله لمصلحة الآخرين، وهذا ما يُسمى بالجهاد الشخصي؛ أي النضال ضد الأنا والطمع داخل النفس. وقال: "فقط الذين تغلبوا على ذواتهم هم القادرون على العطاء بإخلاص. أي أن من بلغ النضج الروحي والعاطفي سيجد سهولة في العطاء دون أن يشعر بالخسارة أو العبء." وأضاف الأستاذ الدكتور عارف أن الذين لا يزالون مقيدين بحب الدنيا المفرط سيجدون صعوبة أكبر في التخلي عن جزء من أموالهم لمصلحة الآخرين. إن الحكمة من هذا الشهر المبارك، شهر رمضان، لا تقتصر على تعليم الفرد التقرب من الله تعالى فحسب، بل تعلمه أيضًا القيم الإنسانية وروح التعاون التي تشكل أساس التماسك الاجتماعي في الحياة المجتمعية.
يمكنكم متابعة موعظة رمضان التي ألقاها الأستاذ الدكتور عارف زمهري عبر قناة يوتيوب جامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية جاكرتا، أو الضغط على هذا الرابط.
(Shanti Oktavia/Zaenal M./Audyna D. Aryani /Youtube UIN Jakarta : الصورة)