الإرهاق النفسي في عصر الحياة السريعة: لماذا ينبغي أن نتوقف للحظة؟
ما هل شعرت يومًا أن حياتك تجبرك على الركض بلا توقف؟ لقد دفعتنا التكنولوجيا إلى عصر سريع الإيقاع، حيث يحدث كل شيء في غمضة عين. الرسائل تعبر العالم في ثوانٍ، والطعام يصل إلى باب منزلك بلمسة شاشة. العمل والتعليم أصبحا أسرع وأكثر كفاءة بفضل التقدم الرقمي المستمر.
من ناحية، وفرت التكنولوجيا راحة لم نكن نتخيلها من قبل، لكن خلف هذه الراحة جانب مظلم نادرًا ما ندركه: الإرهاق النفسي المنتشر. في هذا العصر الذي تغمره السرعة، يُجبر البشر على التحرك باستمرار، والركض بوتيرة غالبًا ما تتجاوز حدودنا. كل شيء يجب أن يكون سريعًا. كل شيء يجب إنجازه الآن. وفي هذا السباق، نفقد مهارة ثمينة كانت تُعتبر ذات قيمة عالية: الصبر.
التكنولوجيا، الصبر، و مرض العجلة. هذا الظاهرة تُعرف بـمرض العجلة. وُصفت لأول مرة من قبل عالِمي النفس ماير فريدمان وراي روزنمان للإشارة إلى سلوك الشخص الذي يسعى دائمًا لفعل المزيد في وقت أقل.
نشعر بالقلق عندما نضطر للانتظار، وكأن كل ثانية تمر هي خسارة. كان الصبر في الماضي يُعتبر مرآة للنضج والقوة النفسية، لكنه الآن يتلاشى وسط تيار الحياة السريعة.
لا يقتصر فقدان الصبر على بيئة العمل فحسب، بل يمتد ليشمل العلاقات الاجتماعية. اعتدنا أن نتوقع ردودًا فورية عند إرسال الرسائل، وإجابات سريعة عند طرح الأسئلة، وحلولًا فورية للمشكلات المعقدة. في الواقع، ليس كل شيء يمكن حله في وقت قصير.
هناك عمليات طبيعية تتطلب وقتًا - التعلم، بناء الثقة، الفهم العميق - وهذه الأمور لا يمكن تحقيقها بعجلة.
هذا الضغط يؤثر بشكل خطير على الصحة النفسية. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، هناك 264 مليون شخص في العالم يعانون من الاكتئاب، كما ارتفعت معدلات اضطرابات القلق بشكل كبير.
الإرهاق النفسي، أو الإرهاق الجسدي والنفسي الناتج عن -ضالضغوط المستمرة، أصبح الآن قضية عالمية. في إندونيسيا، وجدت دراسة أجرتها جامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية جاكرتا أن 75% من الموظفين يعانون من أعراض الإرهاق النفسي بسبب متطلبات الإنتاجية المستمرة.
الصبر لا يضيع فقط في وتيرة العمل، بل أيضًا في التعليم. يُجبر الطلاب على اتباع أنظمة تعليمية سريعة الإيقاع تركز على النتائج بدلاً من العملية.
استعادة الصبر في عالم سريع الإيقاع في عالم يتحرك بسرعة كبيرة، نحتاج إلى إعادة اكتشاف الصبر. التباطؤ ليس علامة ضعف، بل هو شكل من أشكال الوعي للحفاظ على أنفسنا من الإرهاق النفسي.
خطوة بسيطة هي القيام بـديتوكس رقمي. قضاء وقت طويل أمام الشاشات يستنزف طاقتنا ويعكر صفو السلام الداخلي لدينا.
الاستمتاع بلحظة صمت أو التفكير دون استعجال يساعدنا على إعادة الاتصال بأنفسنا وبالعالم من حولنا.
الصبر ليس مجرد فضيلة، بل ضرورة لضمان الصحة النفسية والتوازن في عصرنا هذا.