الإسلامُ التَّقليدي: محاولةٌ لاستحضارِ الله؟

الإسلامُ التَّقليدي: محاولةٌ لاستحضارِ الله؟

نانانغ سيايخو

لكل دين تعاليمه، ولكن ليست كل تقاليد المجتمع تُعتبر جزءاً من تلك التعاليم. ومع ذلك، فمن الناحية العملية، يصعب أحياناً التمييز بين ما هو "تعليم ديني" وما هو مجرد "تقليد". فصلاة المفروضة مثلاً، لا يختلف أحد على أنها من أصل الدين.

لكن إذا أخذنا مثال استخدام "بذور التسبيح" (tasbih) للذكر، فمن الواضح أنها ليست تعليمات دينية نصية، بل هي مجرد تقليد. ومن الأمثلة الأخرى للتقاليد: احتفالات Selamatan (بمختلف أشكالها ودوافعها)، أو Walimatussafar، أو استخدام آيات القرآن وأدعية الشيوخ كتمائم (Azimat).

ببساطة، يمكن تسمية هذه التقاليد المنتشرة بين المسلمين، وخاصة في إندونيسيا، بـ "السلوك الديني". وهذا السلوك يتزايد مع انتشار الإسلام وارتفاع مستوى فهم المسلمين لدينهم. والمثير للاهتمام أن هذا الفهم لا يؤدي دائماً إلى ترسيخ الإيمان بالمصادر الأصلية (genuine)، بل قد "يقلب" هذا اليقين إلى قناعات أخرى، مثل ظهور "الطوائف" (sekte).

طالما ظلت هذه الممارسات في إطار المسائل الفروعية (Furu’iyah)، فإن الاختلاف في السلوك الديني لا يزال مقبولاً. لكن الأمر يختلف تماماً عندما يمس قضايا العقيدة. ولهذا السبب، اعتبرت حركات مثل الأحمدية، وجماعة "سلام الله" (Salamullah)، والمهدوية (Mahdiisme) خارجة عن العقيدة الإسلامية الصحيحة.

وفي مجتمعنا، نجد أن السلوكيات الدينية غير المألوفة — أو "المنحرفة" — دائماً ما تثير الجدل. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للتقاليد التي لا تزال في إطار "المقبول" وتحظى بشرعية من النخبة الدينية. فهذه التقاليد تصبح إرثاً يتناقل عبر الأجيال. طالما أن التقليد لا يخرج عن رصيف العقيدة، فالمسلمون لديهم الحرية في ممارسته وفقاً لخصائصهم الثقافية. وفي أصول الفقه، يسمى التقليد (الأعراف) المستحسن بـ "العُرف". والعرف في مستوى معين يعد من مصادر الحكم الإسلامي.

وفي كل بلد إسلامي، نجد "العُرف" حاضراً بصبغات وألوان مختلفة. فعلى سبيل المثال، احتفالات Maulid Nabi تختلف مظاهرها من مجتمع لآخر، حيث يراها البعض كتقليد اجتماعي أكثر منها عبادة توقيفية.

خصائص "الإسلام التقليدي"

يُقال إن لمسلمي إندونيسيا فرادة في ممارسة دينهم، وهذا لا يعود فقط لتنوع العادات، بل أيضاً لتفاوت مستويات الفهم الديني. لذا، ليس غريباً أن نجد الحياة الدينية في "بانتن" (Banten) تختلف عنها في "أتشيه" (Aceh)، وكذلك بين جاوة الغربية والشرقية وجاكرتا. ورغم هذا الاختلاف، يظل الجميع يرتكزون على أساس واحد هو الإسلام.

هذه الاختلافات، سواء كانت لعوامل سوسيولوجية أو تكنولوجية، هي واقع تاريخي. فمنذ ظهور الإسلام، لم تنفصل الممارسة الدينية عن تأثير الثقافة المحلية. فعلى سبيل المثال، عندما نشر Sunan Kalijaga الإسلام، استخدم "الوايغ" (Wayang) كوسيلة للدعوة، لأن المجتمع آنذاك كان يحبها، فجعل منها وسيلة للإرشاد (tuntunan) لا للتسلية (tontonan) فقط. ولا يزال هذا الأسلوب مستخدماً حتى يومنا هذا، خاصة في جاوة.

والمثير للاهتمام أن التقاليد المحلية تزداد قوة مع انتعاش الدراسات الدينية. لقد تطورت هذه الممارسات بشكل "إبداعي" و"مبتكر"، وأحياناً بشكل مفرط (eksesif)، لدرجة يصعب معها التمييز بين التقليد والتعاليم. ومع ذلك، ليس بالضرورة أن يكون كل تقليد سيئاً أو منحرفاً؛ بل على العكس، الإسلام يستوعب التقاليد التي لا تتعارض مع أصوله.

وكمثال على ذلك، نلاحظ أن خصائص الآيات المكية تختلف عن المدنية، حتى في الألفاظ التي عرف الله بها نفسه. ففي مكة، استخدم لفظ "Rab" لأن المجتمع لم يكن يعرف لفظ "Allah" بعد. ولكن في المدينة، استخدم لفظ "الله" بعد أن آمن الناس. وهذا يدل على أن الإسلام يراعي الظروف السوسيولوجية والنفسية للمؤمنين، ويتسامح مع التقاليد ما لم تخالف الكتاب والسنة.

لماذا ترتبط التقاليد دائماً بالدين؟

الحقيقة أن تطوير التقاليد المحلية بصبغة دينية ليس مجرد رغبة في الحفاظ على التراث، بل هو محاولة من المجتمع لـ "استحضار الله" في تلك التقاليد، من خلال الأذكار والأوراد التي تصاحب الطقوس.

ولنأخذ مثالاً واقعياً: امرأة شابّة تدعى "رحمة"، أرادت إقامة احتفال "نوجوه بولان" (Nujuh Bulan) لحملها الأول. دعت الجيران، وتضمن الحفل قراءة القرآن، لا سيما سورة يوسف، والدعاء. تعتقد رحمة أن هذا الطقس يجلب البركة، وهي تمارسه لأنه إرث توارثته عائلتها.

سلوك رحمة الديني هنا مثير للاهتمام؛ فهي لا تحافظ على إرث الأجداد فحسب، بل تأمل أن يتصف مولودها بجمال النبي يوسف عليه السلام. وإذا سألتها: ماذا لو كان المولود أنثى؟ لن تبالي رحمة كثيراً، فالمهم عندها هو الرغبة في "استحضار المتسامي" (transenden) في حياتها.

هذا يوضح لنا أن استحضار الله في قلوب الناس لا يقتصر على الصلاة والصيام، بل يتخذ أشكالاً أخرى. لذا، لا عجب أن نرى المجتمع المسلم اليوم يميل بشغف نحو مجالس الذكر والتعلق بالرموز الإسلامية والسلوكيات الدينية الفريدة.والله أعلم

نُشِرَ هذا المقالُ في مجلة بانجي ماسياراكات (PanjiMasyarakat) بتاريخ 26 نوفمبر 2025.