لا تتركوا الأطفال يصبحون الضحية الثانية للكارثة

لا تتركوا الأطفال يصبحون الضحية الثانية للكارثة

الأستاذة الدكتورة مايلا دينيا حسني رحيم

(أستاذة تربية الطفولة المبكرة والرعاية الاجتماعية بجامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية بجاكرتا)

بعد ثلاثة أسابيع من اجتياح الفيضانات العارمة لعدة مناطق في سومطرة، لم تعد أخبار التعازي هي العناوين الرئيسية. فقد انحسرت المياه في عدة نقاط، وبدأت الطرق تُفتح، واستمر تدفق المساعدات.

لكن في كثير من القرى، لم تتحسن الأوضاع تماماً. فلا يزال الطين يكسو جدران المنازل، والأثاث لم يعد بعد، والخدمات الأساسية لم تستقر، والأمر الأكثر صمتاً ولكن الأكثر حسماً: روتين الأطفال لم يتعافَ بعد.

في بعض الصور المتداولة من المناطق المتضررة في سومطرة، يظهر الأطفال وهم يقفون على حافة الطريق بانتظار المساعدات. هناك من لا يزال يرتدي ملابس رثة، وهناك من يمسك بلفافات الطعام، وهناك من ينظر إلى السيارات المارة بعيون يبدو عليها التعب، وكأنهم ينتظرون شيئاً لا يدركون متى سيأتي.

إن مثل هذه الصور تصفع وعينا: فعندما يحسب الكبار حجم الأضرار التي لحقت بالمنازل والخسائر الاقتصادية، يكون الطفل مشغولاً بـ "حساب" شيء آخر؛ الشعور بالأمان الذي فُقد، وأماكن اللعب التي اختفت، والمدرسة التي لم يتمكنوا من العودة إليها بعد.

في هذه النقطة، أود أن أذكر بأمر هام: لا تتركوا الأطفال يصبحون الضحية الثانية للكارثة.

الضحية الأولى هي الأثر المباشر للفيضان؛ جرف المنازل، فقدان الممتلكات، وانقطاع سبل الوصول. أما الضحية الثانية فهي الأثر اللاحق الذي غالباً ما يكون غير مرئي: الأطفال الذين يتخلفون عن المدرسة، وفقدان إيقاع التعلم، وفقدان التغذية والصحة المستقرة، وفقدان المساحة اللازمة لمعالجة التجربة المخيفة.

بعد ثلاثة أسابيع من الكارثة، كان ينبغي على العديد من الأطفال البدء في العودة للتعلم. ولكن الواقع ليس بهذه البساطة. فبعض المدارس ليست جاهزة للاستخدام، وبعض المعلمين والعائلات لا يزالون يكافحون في أماكن إقامة مؤقتة، وبعض الطرق المؤدية للمدارس لم تتعافَ، وبعض الآباء يفضلون إبقاء أطفالهم في المنزل لأسباب أمنية.

ونتيجة لذلك، هناك أطفال لم يعودوا للمدرسة على الإطلاق. وهناك أيضاً أطفال "حاضرون" بأجسادهم ولكن عقولهم غائبة؛ يجلسون بقلق، ويسمعون بصعوبة في التركيز، يبتسمون ولكنهم يفزعون بسهولة.

يعالج الأطفال الصدمات بشكل مختلف عن الكبار. فهم لا يملكون القدرة دائماً على شرح القلق أو الخوف أو الحزن في جمل مرتبة. بل تخرج تلك المشاعر غالباً على شكل سلوكيات: سرعة الغضب، البكاء بدون سبب واضح، رفض الانفصال عن الوالدين، الخوف من المطر، صعوبة النوم، أو الانطواء الشديد.

في سياق سومطرة حيث الروابط المجتمعية وثيقة وروح التعاون قوية، غالباً ما يتم "تعويد" الأطفال على الصمود. ومع ذلك، فإن الصمود الصحي لا يعني إجبار الطفل على الصمت، بل يعني مساعدته على التعافي بدعم مناسب.

المشكلة تكمن في أنه خلال الأسابيع الأولى من التعافي، تكون قدرة العائلات على التحمل هي الأخرى في حالة انهيار. فالآباء فقدوا مصادر دخلهم، وانشغلوا بتنظيف الطين وإصلاح المنازل والبحث عن المساعدات أو تخليص الأوراق الرسمية.

في مثل هذه الحالة، قد ينجرف الأطفال أحياناً تحت أعباء الكبار: رعاية الإخوة، المساعدة في العمل، أو كتمان الجوع كي لا يزداد والديهم حزناً. قد نراهم "بخير" في الطرقات، بينما هم في الحقيقة يكتمون الكثير في أنفسهم.

لذلك، يجب أن تكون الأولوية في عملية التعافي بسومطرة للأطفال بشكل حقيقي لا رمزي فقط. وهناك ثلاث خطوات ملحة:

أولاً، إعادة المدارس كـ "مساحات آمنة" في أسرع وقت. المدرسة الطارئة ليست مجرد مكان لتعلم القراءة والحساب، بل هي مرساة نفسية واجتماعية تعيد للطفل نظامه اليومي، وتجمعه بأقرانه، وتشعره بأن الحياة عادت "طبيعية" ولو بشكل جزئي.

إذا لم تكن مباني المدارس جاهزة، لنستخدم المراكز المجتمعية أو دور العبادة أو خيام التعلم المناسبة. فالمهم ليس فخامة المرافق، بل استمرارية الخدمة، والأمان، وثبات الجداول الزمنية.

ثانياً، دعم المعلمين كخط دفاع أول للتعافي. فمعلمو الطفولة المبكرة والابتدائي هم الأشخاص الأكثر استقراراً في حياة الطفل بعد والديه. لكن المعلم هو إنسان أيضاً وقد تضرر من الكارثة، لذا يحتاج للدعم والإرشاد النفسي ليتمكن من مساعدة الأطفال عبر أنشطة بسيطة مثل الرسم وسرد القصص والألعاب التعاونية؛ فهذه ليست "مجرد لعب" بل هي وسيلة الطفل لتنظيم عواطفه.

ثالثاً، حماية الأطفال من الهشاشة المركبة: التسرب الدراسي، سوء التغذية، ومخاطر العنف. في مرحلة ما بعد الكارثة، تزداد المخاطر عندما تضيق سبل العيش وتختفي الخصوصية. يجب أن تكون المساعدات حساسة لاحتياجات الطفل، مع ضمان عدم تركه في الأماكن العامة دون مرافقة لمجرد الوقوف في طوابير المساعدات. لا ينبغي أن يكون الطفل "حارساً للطوابير" في أزمة لم يشارك في صنعها.

يمتلك مجتمع سومطرة رصيداً اجتماعياً كبيراً من التكافل. وسيكون هذا الرصيد أكثر قيمة إذا وضعنا الطفل في مركز الاهتمام. بعد ثلاثة أسابيع من الفيضانات، لا يكفي أن نسأل: "كم منزلاً تم تنظيفه؟"، بل يجب أن نسأل: "كم طفلاً عاد للتعلم؟ كم طفلاً استعاد ابتسامته الحقيقية؟ وكم طفلاً لا يزال واقفاً في الشارع ينتظر المساعدات بينما مكانه الصحيح هو الفصل الدراسي؟".

قد تسلبنا الكارثة الكثير، لكنها لا يجب أن تسلب الطفولة. إذا سمحنا للأطفال بأن يكونوا الضحية الثانية، فنحن نسمح بضياع المستقبل ببطء.

التعافي الحقيقي هو أن تعود القرية للنهوض، وفي الوقت ذاته، يستعيد أطفال سومطرة حقوقهم الأساسية: الشعور بالأمان، العودة للتعلم، وامتلاك سبب للأمل.